يا لغتاه (5)

عملت لجامعة السلطان قابوس العمانية -طَيَّبَ اللهُ ذِكْرَاهَا!- ربع قرن تقريبا، وأحاط بي من العرب حيث أعمل وحيث أقيم، إخوةٌ وأصدقاء وزملاء مشارقةٌ ومغاربة، واتصلت بيني وبينهم الحوارات، وفهمت كلامهم العامي، وافتتنتُ به سياحةً لغوية مجّانية، وظننته يجري على ما فهمت، حتى نبهني بعضهم على أنه إنما يجتهد حرصا على إفهامي، أن يُجريَ عاميتَه مَجرى الفصحى، وأن يستبدل بغرائب عاميته قرائب الفصحى، وكأنما خشي مثل حالَيِ الصديقتين العمانية والمصرية اللتين بَنيتُ عليهما مقالي “التباسُ العمانية والمصرية”:

http://mogasaqr.com/2018/06/17/16213/

“صديقتان بحيٍّ من أرياف عمان: عمانية ومصرية، متآلفتان على عهد العمانيين والمصريين جميعا، لا تخرجان إلى السوق إلا معا، تذهبان وتؤوبان مشيا، غير كالّتين ولا مالّتين. هاهما كأنما خدعتهما عن الطريق حَكاياهُما الكثيرة الطويلة؛ فأبعَدَتَا الغايةَ، واستثقلَتَا المشيَ، وإذا حافلةُ ركابٍ على مقربة، فتصيح العمانية بالمصرية:

– اسْتَنِّي!

فتطمئن المسكينة المهدودة؛ فتفوتهما الحافلة! Ùˆ{اسْتَنِّي} في العمانية {أَسْرِعي}ØŒ فصيحة عالية من {الاسْتِنان}ØŒ ومادتها {س، ن، Ù†}ØŒ غير أن المصرية على لهجتها فهمتها {تَمهَّلي}ØŒ محرفة عن {اسْتَأْنِي}ØŒ من {الاسْتِيناء}ØŒ ومادتها {و، ن، ÙŠ}”!

ألا إنه لا غنى بالعامة عن الفصحى القريبة، كما لا غنى بالخاصة؛ فلو كانت المصرية تعرف أن “اسْتَنِّي” “أَسْرِعِي”ØŒ أو لو كانت العمانية قالت: “أَسْرِعِي” لا “اسْتَنِّي”- ما فاتتهما الحافلة!

Related posts

Leave a Comment